إحاطة السيد كريستيان ريتشر المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق يونيتاد حول تقرير الفريق الثامن- 8 حزيران/يونيو 2022

كما القيت

إحاطة السيد كريستيان ريتشر

المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش

8 حزيران/يونيو 2022

 

 

السيد الرئيس والسادة الوفود الموقرون،

يُشرفني أن أُخاطِب هذا المجلس اليوم وأنا أُقدَّمَ التقرير الثامن عَن أنشطةِ فريق التحقيق التابع للأُمم المتحدة لتَعزيز المُساءلة عن الجرائِم المُرتكبةِ من جانبِ داعش (يونيتاد).

واصل الفريق، خِلال الأشهرِ السِّتةِ الماضية، إحراز تَقّدُمٍ عَظيمٍ في العمل التحقيقي الذي يَضطلعُ به، حيث يُعاود الفريق التحقيقي (يونيتاد) العملَ بكاملِ قُدراته بعدَ مِضي أكثرَ من عامين على القيود المفروضة والتدابير الوقائية وذلك بحضوره المتزايد في البلد، ليصبحَ أقوى من أي وقتٍ مضى. وخلافاً للتحديات الناجمة عن الجائحة، فقد واصلنا الجهود الرّاميةِ إلى تحقيق النّتائج على صعيدِ المساءلة من أجلِ الناجين وعائلاتهم، وتقويةِ شراكاتنا في العراق وجميع أنحاء العالم، ومُضاعفة سعينا صوبَ تحقيق المُساءلة والعَدالة عن الجرائم الدولية المُرتكبةِ من جانب داعش.

إجمالاً، فقد ارتفعَ مُستوى جَمع الأدلةِ في ظلِ رُجوع طرائقِ العمل الى وضعِها الطّبيعي، ويتّضح ذلك جلياً فيما يتعلق بفتح المقابر الجّماعيةِ والأنشطة الميدانيةِ الأخرى. فخلال الفترة المشمولةِ بالتقرير، حَفِظنا وحوّلنا ما فاق مجموعه 4.5 مليون نسخة من الأدلة المُستندية من المحاكم من أنحاءِ مختلفة من العراقِ من الصيغة الورقية إلى الصيغة الرقمية. وأنجزنا هذا العمل بالتعاون الوثيق مع القضاء العراقي والحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان. وبذلك استَطعنا ان نُقّلصَ الوقت اللازم للبحثِ في قاعدة البيانات من أيامٍ الى دقائق وساعدنا السلطاتِ العراقيةِ في تحقيق استفادة تامة وعلى نحو أفضل من بياناتهم وسجلاتهم. يُعدّ هذا المسعى حيوياً لتمكينِ الإجراءات القانونيةِ وأساسياً لحفظِ السجلِ التاريخي للجرائم الدولية المرتكبةِ في العراق من جانبِ تنظيم داعش. يتسّق إجراء أعمالنا اتساقا تاماً مع المعايير القانونية الدولية وسياسات الأمم المتحدة المعمول بها.

السيد الرئيس والسادة الوفود الموقرون،

مُنذ أن قدّمت تقريري الأخير إلى هذا المجلس، نجحَ الفريق في تعزيز كاملِ أنشطته التحقيقية، التي تشمل إجراء المقابلات مع الشهود، والقيام بتحليل الأدلة، وإعداد ملفات القضايا. واسمحوا لي أن أسلِّط الضوء على بعض الأمثلة عن التقدم المُحرز في تحقيقاتنا والمناهج المتبعة سعياً لتحقيق العدالة عن الجرائم الدولية المرتكبة من جانب داعش.

شهد التحقيق فيما يُسّميهِ تنظيم الدولة الإسلامية "بيت المال" تقدماً كبيراً. وفي هذا الصدد، تُبيّن مسودة موجز القضية كيفية تقديم بيت المال الدعم المادي والمالي للهيكلية العامة لتنظيم داعش، من بينها إدارة مدفوعات الوحدات المزعوم ارتكابها لجرائمٍ دوليةٍ أساسيةٍ. كان بيت المال عنصراً رئيسياً في العمليات اليومية لتنظيم داعش. ونعتزم تقديم المزيد من التقارير الإستراتيجية لنظرائنا في القضاء العراقيّ والتي تهدف إلى دراسة تَسيير العملِ الداخلي لبيت المال بغية توسيع آفاق الفهم عن النشاطات المالية للتنظيم. يتّسم هذا الأمر بأهميةٍ خاصة لأن اقتفاء أثر الأموال يعني الحصول على مسح  لبنية التنظيم، وفهمٍ لهيكليته، وتبيان هيكله الهرمي والقائمين على إصدار الأوامر. مما يُقرّبنا لكشف هوية عناصر التنظيم الذين يتحمّلون المسؤولية الأكبر في ارتكاب أبشع الجرائم الدوليةِ في العراق على نحوٍ أفضل.

تَستمر التحقيقات في الكشفِ عن كُنه استحداث واستخدام الأسلحة الكيمائية والبيولوجية من جانب تنظيم داعش والتوصل الى معلومات جديدة منذ أن قدّمت إحاطتي الأخيرة. وقد تمَّكن الفريق من جمعِ وحفظ الإفادات والأدلة الرقمية والمستندية الخاصة بتصنيع واستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية عبر البعثات الميدانية للمواقع ذات الصلة، والتواصل مع المجتمعات المحلية المتضررة، والتعاون مع السلطات العراقية. وسَتُمعن تحقيقاتنا النظرَ أكثر في النظام الأساسي لشراء تلك الأسلحة والتدفقاتِ المالية ذات الصلة. وينطلي ذلك على التركيز في اضطلاع عناصر مُحددين بمن فيهم أولئك الذين أجروا تجارب على البشر باستخدام عناصر كيميائية على المحتجزين. وتمتد آثار الهجمات الكيمائية المماثلة حتى يومنا هذا ولاسيما المشاكل الصحية الوخيمة بين الناجين والمجتمعات المُتضرِرة.

ساعدت التحقيقات التي يضطلع بها فريق التحقيق (يونيتاد) في إنتاج ملفات قضايا مخصصة وتحديد هويات الجناة الذين يشتبه في كونهم ذوي المسؤولية العليا، على شاكلة الجرائم المرتكبة بحقّ المجتمع الأيزيدي والجرائم المرتكبة بحقّ منتسبي أكاديمية تكريت الجوية، والمعروفة أيضا بإسم معسكر سبايكر، حيث ساهمت تحقيقاتنا في أكاديمية تكريت الجوية في التعرّف على جناة داعش المشتبه في تورطهم بشكل رئيسي في مضايقة وتعنيف وترويع السكان المدنيين في مدينتي تكريت والعلم والتي أظهرت أنّ تنظيم داعش استهدف، وبصورة ممنهجة، كُلّ من عارض توجههم العقائدي، وذلك يشمل كافة الذين ينتمون أو يُعتقد أنهم ينتمون إلى مجموعات إما معارضة أو لا تدعم أو تتسق مع داعش ويشمل ذلك المجتمع الشيعي، والمنتسبين في الأجهزة الحكومية، وأفراد بعض القبائل المحددة، وأولئك الذين ساعدوا الطلاب والعسكريين في أكاديمية تكريت الجوية.

يُنظّم فريق التحقيق (يونيتاد)، بالتعاون مع كلّ من الممثلية الدائمة لجمهورية العراق وفنلندا لدى الأمم المتحدة في نيويورك، فعالية خاصة عن المجزرة التي ارتُكبت بحقّ منتسبي أكاديمية تكريت الجوية. وستُعقد هذه الفعالية العامة يوم الجمعة الموافق 10 حزيران/يونيو في تمام الساعة 01:15 ظهراً في مجلس الوصاية، وسوف نعرض فلماً قصيراً حول تحقيقاتنا وسيعقبه نقاشات لجنة الخبراء ومداخلات من الحضور، وتتزامن هذه الفعالية مع الذكرى السنوية الثامنة للمجزرة.

ونواصل التقدّم في التحقيقات حول الإعدامات الجماعية التي طالت تقريباً 600 من موقوفي سجن بادوش بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2014، حيث يُعزى الفضل بشكل كبير إلى أعمال التنقيب في المقبرة الجماعية في وادي بادوش التي قامت بها دائرة حماية وشؤون المقابر الجماعية بالإضافة الى الدعم الفني والعملياتي من قبل فريقي. وانخرطنا بصورة مباشرة مع المحاكم العراقية المعنية بهذا التحقيق لتحديد الجناة في هذه المجزرة، ومن ضمنهم أفراد محتجزين حالياً، حيث تتسق هذه الجهود مع مساعي الفريق لتعزيز التحقيقات المتعلقة بالجرائم المرتكبة في الموصل، أو عاصمة ما تسمى "الخلافة".

حَرصَ فريق التحقيق (يونيتاد)على تضمين التحقيقات في الجرائم الجنسية والجرائم القائمة على النوع الإجتماعي المُرتكبة من قبل داعش في كافة التحقيقات. وكجزءٍ من هذا النهج، نواصل مقابلة النساء والفتيات الأيزيديات والناجين من الاسترقاق الجنسي من قبل تنظيم داعش وغيرهم ممن تمكنوا من تقديم معلومات عن جناتهم، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب. وتتساوى الجرائم المرتكبة بحقّ الأطفال أو تضرّ بهم بالأولوية والأهمية. وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، أجرى الفريق مقابلات مع ذكور يافعين من الشيعة التركمان الذين تم تجنيدهم من قبل تنظيم داعش.

هذه بضع أمثلة على العمل الذي تم إنجازه وما زال دائراً في وحداتنا التحقيقية الست والوحدتين المواضيعيتين، والتي تُعزز تقدّم تحقيقات فريق التحقيق (يونيتاد) الهيكلية الرامية إلى التحقيق في الجرائم الدولية الأساسية المُرتكبة بحق كافة المجتمعات المتضررة في العراق؛ والتي تشمل المسيحيين والسنة والشيعة والكاكائيين والشبك والتركمان الشيعة. ويهدف نهجنا القائم على الضحايا والناجين إلى بيان أن كافة الأشخاص المتضررين على قدرٍ مساوي من الأهمية، وسوف يتمّ التحقيق بكافة الجرائم الدولية التي ارتكبها أعضاء تنظيم داعش على نحوٍ شامل، وسيتم إنشاء سجّل الأدلة الخاص بهم على النحو الواجب. لايسعني الخوض بإسهاب في تفاصيل أنشطتنا خلال هذا الحدث، ويغطي التقرير الثامن الذي قدّمته مؤخرا أمام مجلس الأمن التقدّم الذي أحرزه الفريق خلال الفترة المشمولة بالتقرير وعلى نحوٍ وافٍ.

السيد الرئيس والسادة الوفود الموقرون،

أودّ اغتنام هذه الفرصة للتعبير عن امتناني لحكومة العراق والقضاء العراقي وسلطات حكومة إقليم كردستان لدعمهم  في تنفيذ ولايتنا. لقد جعلت من أولوياتي إقامة حوار مستمر ومستدام مع كبار أعضاء الحكومة العراقية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ومكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ومستشارية الأمن القومي، ونعمل جنباً الى جنب لضمان المساءلة عن الجرائم الدولية الأساسية التي ارتكبها تنظيم داعش في المحاكمات القائمة على الأدلة ووفقاً للإجراءات القانونية الواجبة والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وبذلك، نهدف إلى تعزيز العدالة بإسم العديد من الضحايا والناجين من الجرائم الدولية الأساسية التي ارتكبها تنظيم داعش ضد شعب العراق.

 

خلال ورشة العمل حول النقاشات الإستراتيجية التي عقدت في شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام مع لجنة التنسيق الوطنية، برئاسة وكيل وزير الخارجية، نظرنا في تعاوننا وحددنا سوياً المجالات المشتركة ذات الأولوية، وشمل ذلك تبادل المعلومات وبناء القدرات مع النظراء الوطنيين والعمليات المُنسّقة في مناطق أعمال تنقيب المقابر الجماعية وإعادة رفات الضحايا التي تمّ التعرف عليها إلى عائلاتهم، حيثُ شهد تعاون فريق التحقيق (يونيتاد) مع وزارة الخارجية العراقية تقدماً ملحوظاً خلال الأشهر الستة الماضية. ووفقاً لما اتُفق عليه خلال ورشة العمل حول النقاشات الإستراتيجية، وبناءً على طلب وزارة الخارجية العراقية، فقد عملنا معاً بالتنسيق مع السفارات العراقية في مختلف البلدان لتنظيم سلسلة من الفعاليات الخاصة لتعزيز المُساءلة عن جرائم تنظيم داعش الدولية. وفي شهر نيسان/أبريل من العام الجاري، عقدنا فعالية في برلين بعنوان "التحقيق في الأبعاد المالية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية: الإطار القانوني والتنظيمي الدولي"، جدد مِن خلالها فريق التحقيق (يونيتاد) والعراق وألمانيا التزامهم بمواصلة التحقيق في الأبعاد المالية لجرائم داعش الدولية الأساسية. هذا وستمثل الفعالية الخاصة المُقبلة هذا الأسبوع، جزءاً من تعاوننا العالمي مع العراق.

تماشياً ووثيقة اختصاصاتنا، يلتزم فريق التحقيق (يونيتاد) بتحسين أساليب تبادل المعلومات مع حكومة العراق والقضاء العراقي. وبناءً على ذلك، قام الفريق بتوسيع وتفعيل الترتيبات المعمول بها مع أعضاء السلطة القضائية العراقية، مِما سمح بتبادل المعلومات ذات الصلة بالجرائم المالية المُرتكبة فيما يتعلق بأنشطة تنظيم داعش في العراق. وتمّ تقديم نبذة عامة عن نتائج التحقيق الرئيسية للجرائم المُرتكبة ضدّ المجتمع الأيزيدي ومنتسبي أكاديمية تكريت الجوية إلى أعضاء لجنة التنسيق الوطنية في بغداد.

يرتأي فريق التحقيق (يونيتاد) أنه من الضروري إغتنام كل فرصة لمُحاسبة مرتكبي جرائم تنظيم داعش على الجرائم الدولية الأساسية التي ارتكبت في العراق، والتي تشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، وثمّة مناقشات تجري داخل العراق لاعتماد الإطار القانوني اللازم للتعامل مع جرائم داعش باعتبارها جرائم دولية أساسية أمام المحاكم العراقية. إنّ فريق التحقيق (يونيتاد) على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة الفنية والعمل مع مجلس النواب العراقي بالإضافة إلى القضاء  للمُضي قدماً، آملين أن تكون هناك تطورات إيجابية خلال الأشهر المقبلة وندعو المجتمع الدولي إلى دعم العراق في هذه الجهود.

نشعر انا وفريقي بالفخر، حيث حظينا بفرصة الاستمتاع بجمال العراق  ومعالمه التاريخية وكرم ضيافة مجتمعاته المتنوعة بشكلٍ مُباشر. وبالنسبة لي، فإنّ التواصل المُجتمعي وكوني جزءاً مِن حوارٍ مُستمر مع المجتمع المدني هي أهداف رئيسية لفريق التحقيق (يونيتاد). ففي الشهر الماضي، نَظَّم فريق التحقيق (يونيتاد)، بالشراكة مع مكتب المُستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، المؤتمر الثاني رفيع المستوى لبيان الأديان بشأن الضحايا والناجين مِن تنظيم داعش في بغداد، حيث جَمَع هذا المحفل القيادات الدينية من جميع محافظات العراق ومجتمعاته الدينية المتنوعة، مِمن أكدوا أنّ ضمان المُساءلة عن جرائم داعش الدولية وتحقيق العدالة لجميع الضحايا، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، هي خطواتٍ مهمة نحو المصالحة. ولا يزال لفريق التحقيق (يونيتاد) دوراً هاماً في إطار هذه العمليات.  

وفي الأسبوع الماضي، عقدنا اجتماع الطاولة المستديرة المواضيعي الرابع لِمُنتدى الحوار المُشترك بين فريق التحقيق (يونيتاد) والمنظمات غير الحكومية، والذي ركّز على تدمير داعش للتراث الثقافي في العراق، وهو مجال سيوسع فريق التحقيق (يونيتاد) تحقيقاته فيه خلال الأشهر المقبلة، حيثُ كان تدمير داعش الوحشي للتراث الثقافي محاولة لمحو التاريخ الثقافي المتنوع للعراق. وعقب الإحاطة التي قدمتها إلى مجلس الأمن في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، قمت بزيارة موقع نمرود الذي فجّره تنظيم داعش في عام 2015، مِما حوّل موقعاً عمرهُ 3000 عام إلى كومة من الأنقاض. وقد آلمني تدمير هذا الموقع وغيره من مواقع التراث الثقافي التي زرتها مؤخراُ. بيد أنني في الوقتِ نفسهِ، لا زلت معجباً بجهود العراق المُستمرة لترميم هذه المواقع.

ولايسعني سوى مقارنة ترميم مواقع التراث الثقافي بعملنا في فريق التحقيق (يونيتاد) سعياً وراء المُساءلة والعدالة،  كونه يستغرق نفس القدر من السنوات ويُكبد ذات المشقة، لكنه عملٌ واجبُ القيام به. في فريق التحقيق (يونيتاد)، نحن ملتزمون بمواصلة تحقيقنا لضمان محاسبة أعضاء داعش المسؤولين عن الجرائم الفظيعة في العراق أمام المحاكم المختصة في العراق وأماكن أخرى.

السيد الرئيس والسادة الوفود الموقرون،

لقد أثبتتْ المُساهمات من خارج الميزانية للصندوق الاستئماني التابع لفريق التحقيق (يونيتاد) بأنها مهمّة لعملياتنا واِسْتِمرار العديد من أدلّة التَحْقِيق والمشاريع المتميزة. لذلك، ما زلنا نعتمد على التبرعات من الدول الأعضاء، ونُرحب بالمساهمات الأخيرة من الدنمارك وفرنسا والهند وسلوفاكيا، كما أننا ممتنون لهولندا والولايات المتحدة الأمريكية لالتزاماتهما الأخيرة بتقديم أموال إضافية. وحتى الآن، قدّمت 15 دولة أموالاً من خارج الميزانية لليونيتاد، وهذا مُشجّع جداً. وفي الوقت نفسه، ندعو المزيد من الدول إلى النظر في المساهمة في عملنا مالياً لتمكيننا من اِغْتِنَام فرص العدالة الحالية والمستقبلية، ونُشَجِّع الدول على تقديم مُساهمات غير مخصصة لدعم عملياتنا العامة وللسماح لنا بالحفاظ على إدارة الأموال بطرقة ذكية ومرنة وقائمة على الاحتياجات. فبدون تمويل من خارج الميزانية، سَتَتَقَلَّص تحقيقات فريق اليونيتاد وعملياته الأوسع سعياً وراء المساءلة، وسيؤثر أيضاً على المساعدة المُقدّمة إلى السلطات القضائية في الدول الأعضاء التي تحقق حالياً في سلوك الأفراد المرتبطين بداعش وتلاحقهم قضائياً.

زاد فريق التحقيق (يونيتاد) دعمه للإجراءات المحلية الجارية في العديد من الدول الأعضاء، بالتشاور مع حكومة العراق. وحتى اليوم، كإجمالي، طلبت 15 دولة من دول الأعضاء المساعدة من فريق التحقيق (يونيتاد)، وتستمر الطلبات في الاِزْدِيَاد مع وجود المزيد من الولايات القضائية التي تَطلب المساعدة. ولعلّ أبرز مساهمة في سياق هذه المساعدة هي الإدانة التَارِيخِيَّة لعضو داعش طه الجاي في فرانكفورت بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية العام الماضي. لقد دعمنا أيضاً  هيئة الادّعاء السويدية أثناء محاكمة امرأة اتُهمت وأُدينت أخيراً بارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في تجنيد طفلها كجندي خلال مدة اِنْتِمَائهَا لتنظيم داعش. وشملت المُسَاعَدَة المقدمة شهادة الخُبَرَاء بممارسات تنظيم داعش بشأن التَجْنِيد الطَوْعِيّ والتَجْنِيد الإلزامي وَاِسْتِخْدَام الجنود الأطفال.

عِلَاوَة عَلَى ذلك، يواصل فريق التحقيق (يونيتاد) دعم فريق التحقيق المشترك الذي شَكَّلْته سُلطات الادعاء الْوَطَنِيَّة في السويد وفرنسا للفصل في الجرائم الدولية الأساسية التي ارتكبها تنظيم داعش ضدّ المجتمع الإيزيدي عام 2015. ويساعد فريق التحقيق (يونيتاد) في مجموعة من خطوات التحقيق، بما في ذلك المقابلات الموجهة مع الشهود الأيزيديين في العراق والخارج، وجمع أدلة ساحة المعركة المتعلقة بشبكات الْاِسْتِعْبَاد الأيزيدي، وكذلك البحث داخل مقتنيات الأدلة وقاعدة بياناتنا. من خلال القيام بذلك، نَهْدُف إلى تقليل تكرار تعرّض الضحية للصدمات بما يتَمَاشَى مع اِلْتِزَامنَا بالنهج المتمركز حول الضحية والناجي. ويسمح لنا العمل مع فريق التحقيق المشترك أيضاً بِتَحْدِيد وَاِسْتِغْلَاَل الروابط بين المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الولايات القضائية، لتسهيل المحاكمات في العديد من الدول الأعضاء.

السيد الرئيس والسادة الوفود الموقرون،

قبل ثلاثة أسابيع، قمت بزيارة ميدانية مُشتركة إلى سنجار ودهوك مع السيدة أليس نديريتو، المستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية، والتقينا بالناجين من الإبادة الجماعية والْاِسْتِعْبَاد الجنسي لداعش، وبعضهم حصلَ على حريته قبل عامين فقط، ويجب أن أؤكد أن بعضهم ما زال لديه أقارب يستعبدهم تنظيم داعش حتى يومنا هذا. وعندما اِسْتَمَعَتُ إلى أفكار هؤلاء الشباب ومخاوفهم، رأيتُ الألم والحزن ولكن أيضاً رأيتُ الصمود والمقاومة. كنا نجلس على الأرض في منزل ناجين لا يزال قيد الإنشاء في ضواحي مخيم خانكي للاجئين، حيث أكد الناجون الأيزيديون على أهمية إدانة الإبادة الجماعية في فرانكفورت وأخبرونا أن هذا ما يريدون رؤيته يحدث في العراق. وأكدتُ من جديد التزام يونيتاد بالعمل من أجل تحقيق هذا الهدف؛ التزام نُدِّين به للناجين والعدالة الدولية والإنسانية بشكل عام.

تُشكّل الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش بعضاً من أبشع الأعمال التي شهدناها في التاريخ الحديث، ويجب تحديد الأفراد المسؤولين عن مثل هذه الأفعال ومحاكمتهم وإدانتهم، في نهاية المطاف، عن جرائمهم على المستويين الوطني والدولي. وفقط من خلال الملاحقة القضائية والإشارة إلى مثل هذه الأعمال الوحشية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، سنتمكن من تحقيق العدالة للعديد من الضحايا والناجين وضمان سماع أصواتهم؛ فقط من خلال الحفاظ على الحياد وخدمة جميع المجتمعات المتضررة، يمكننا المساهمة في عمليات المصالحة الأوسع في العراق. وسيواصل فريق التحقيق (يونيتاد) عمله على هذا الطريق المؤدي إلى المساءلة.

اُشْكُركُم على دعمكم.

Special Adviser and Head of UNITAD Christian Ritscher briefing to the Security Council on 8th report