إحاطة المستشار الخاص أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- 07 حزيران\يونيو 2023 حول التقرير العاشر

image1.jpeg

 

مجلس الامن
إحاطة السيد كريستيان ريتشر

المُستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام/داعش (يونيتاد)

2023

 
   

 

 

 

السيد الرئيس،

السادة المندوبين الموقّرين لمجلس الأمن،

 

يُشرفني أن أُقدَّمَ التقرير العاشر عَن أنشطةِ فريق التحقيق التابع للأُمم المتحدة لتَعزيز المُساءلة عن الجرائِم المُرتكبةِ من جانبِ تنظيم الدولةِ الإسلاميةِ في العراق والشّام/داعش (يونيتاد).

أُقدِّم هذا التقرير العاشر، مشيراً إلى مرور خمس سنوات منذ تأسيس فريق التحقيق (يونيتاد)، بطلب من العراق. يعمل فريق يونيتاد كفريقٍ دولي يتمتعُ بولايةٍ فريدةٍ على التحقيق في الجرائم المروّعة المُرتكبة من جانب تنظيم داعش، وذلك بالتعاون مع السلطات الوطنية، بينما يستمرُ في بذل جهوده لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش، ودعم ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم في أنحاء العالم.

واليوم، دعونا نتوقف للحظة كي نُجري تقييماً لتطورات تنفيذ الولاية المنوطة بفريق التحقيق (يونيتاد). بوسعي القول إنّ إلتزام الحكومةِ العراقيةِ، بالشراكة مع فريق التحقيق (يونيتاد)، لإحراز التقدُّم في مكافحة الإفلات من العقاب، والدّعوة إلى تحقيق العدالة باسم الضحايا والناجين الذين كان أغلبهم من العراقيين، والتصدي للتهديد الحيّ القائم الذي يُشكّله تنظيم داعش، هو أقوى من أي وقتٍ مضى.

بعد مُدّةٍ وجيزةٍ من تبنّي هذا المجلس الموقّر بالإجماع للقرار رقم 2379 في عام 2017، سُرعان ما بدأت نواة فريقٍ مُتكونٍ من أقل من عشرة أشخاصٍ العمل  والمضيّ قُدماً. ثم نمى الفريق ليضم الآن نحو (150) موظفاً من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب ما يُقارب (60) موظفاً مُتعاقداً واستشارياً، يعملون جميعاً بتفانٍ ومِهنية لتحقيق أهداف الفريق. وأصبح لدى فريق التحقيق (يونيتاد) الآن ثمان وحداتِ تحقيقٍ متخصصةٍ، كما أنشأ الفريقُ نظاماً لحمايةِ الشهود ودعمهم، ومختبراً حديثاً للطب الشّرعي، إضافةً إلى تأسيس وحدةٍ متخصصةٍ لدعم حملات رفع الرفات من المقابر الجماعية والتّعرّف على هويات الضحايا، علاوةً على ذلك تم تشكيل فريق يدعمُ رقمنة ملايين الأدلّة المُستندية الموجودة الآن في عُهدة القضاء العراقي.  

دأب فريق التحقيق (يونيتاد) على وضع الاستراتيجيات وإعادة تكييفها من أجل تطوير التحقيقات وجمع الأدلة اللازمة لمُحاسبة مُرتكبيى أبشع الجرائم المشمولة في القانون الجنائي الدولي. هذا ويلتزم فريق التحقيق (يونيتاد) بدعم جهود نظرائنا العراقيين بغية تحقيق الهدف المشترك المُتمثل في محاسبة أعضاء تنظيم داعش، من خلال المحاكمات القائمة على الأدلة، والتي تُعنى بالهجمات الوحشية ضدّ جميع مجتمعات العراق، وشعبه، والبلدِ ذاته، كونها جرائمَ دولية، وعلى نحوِ لا يختزل المحاسبة عن عضويتهم في منظمةٍ إرهابيةٍ فحسب. لقد تعمّد تنظيم داعش استهداف الضحايا، وكذلك هو حريٌّ بإجراءات العدالة أن تضع هؤلاء الضحايا في صلب عملها.

سيدي الرئيس،

خلال الفترةِ الماضيةِ المشمولة بالتقرير، ومن خلال العمل التحقيقيّ المهني، واصل فريقي توسيع وتطوير المعلومات الجنائية حول تنظيم داعش، إضافةً إلى مواصلته إيلاء الاهتمام لقضايا واعتبارات كل فئةٍ من فئات الضحايا في المجتمع العراقي. هذا وقد واصلتُ شخصياً التواصل مع القادة من رجال الدين، وشيوخ العشائر، وممثلي المجتمعات المحلّية المتضررة، والناجين من جرائم تنظيم داعش. وأنا ممتنن للدّعم الذي قدمته تلك المجتمعات المُتضررةِ التي زرتها مؤخراً، لا سيما في تازة خورماتو، وهيت، والرمادي. وأشعر بالرضا عن عمل فريق التحقيق (يونيتاد) الوثيق مع جميع المجتمعات المحلية المتضررة، ولكون عملنا قائمٌ على الانفتاح والثقة.

ولقد تأثرتُ بعمقٍ بالكلمات الحكيمة  لسماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني، ، والتي جاءت تأكيداً على المبدأ ذاته المُتجذّر في صميم عملنا، ألا وهو:   أن كافة الضحايا على قدرٍ متساوٍ من الأهمية دون تسلسلٍ هرمي.

وينبغي ألا ننسى أنّ معاناة الناجين من الجرائم الدّولية المُرتكبة من جانب تنظيم داعش مستمرة، وهو الأمر الذي شهدته بنفسي خلال زيارتي لتازة خورماتو في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، تزامنا مع إحياء الذكرى السنوية للهجوم الكيميائي على المنطقة، الذي نفذّه تنظيم داعش ضدّ سكانها، ومناطقها الزراعية، وهو الهجوم الذي ما زال غير معروف على نطاق واسع.  

بتاريخ 8 آذار/مارس 2016، سخّر تنظيم داعش مواد كيميائية عدّة لتنفيذ هجمات عبر صواريخٍ وقذائف هاون مُحمّلةٍ بتلك المواد، بالإضافة إلى عبواتٍ ناسفةٍ، على ضواحي تازة خورماتو.

وعلى مدار الأشهر الماضية، أعطيت الأولوية وكثفت الجهود حول هذه التحقيقات في جرائم تنظيم داعش، حيثُ وفّرت تحقيقات فريقي المستمرة معلومات مُتخصصة، وتحليلاً للذخائر والمخلفات والمواد التي جرى جمعها. هذا وجرى الكشف عن كميات كبيرة من أدلة ساحة المعركة، بما في ذلك سجلات رواتب ومراسلات تنظيم داعش، مِما يسمح للفريق بتحديد الأشخاص محلّ الاهتمام وتحديد الصلات بقيادات  تنظيم داعش  المُحتمل ضلوعهم في تلك الجرائم.

هذا وأعد فريق التحقيق (يونيتاد) تقييم قضية حول تطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية من جانب تنظيم داعش، والذي سيتم الحديث عنه باستفاضة خلال فعالية خاصة تُنظّم هنا في مقر الأمم المتحدة غداً بتاريخ 08 حزيران/يونيو، يشترك في استضافتها فريق التحقيق (يونيتادـ) والبعثة الدّائمة للعراق والبعثة الدّائمة للهند.

وكما اطّلعتم في تقريري العاشر، يواصل فريقي تقدمهُ في عمله التحقيقي حول جرائم تنظيم داعش ضدّ جميع المجتمعات المُتضررة، ورسم الصورة الكاملة لمدى اتساع نطاق تلك الجرائم. ويشمل هذا، التقدّم المُحرز في تقارير تقييم القضايا بشأن الجرائم المُرتكبة على أساس النوع الاجتماعي، والجرائم المرتكبة ضدّ الأطفال، والجرائم المرتكبة ضدّ المُجتمع السُني في الأنبار، والهجمات ضدّ المجتمعات المسيحية في نينوى.

نستمر بالمُضي قدماً في تحقيقاتنا بشأن هجمات تنظيم داعش ضدّ المجتمع الأيزيدي والمجتمع الشيعي، حيثُ عززنا ملخصات القضايا مع مزيدٍ من الأدلة والتحليلات. كما تشكل التحقيقات في تدمير التراث الثقافي العراقي الغني مثالاً آخراً على جهود فريق التحقيق (يونيتاد) المتزايدة، لتسليط الضوء على مجموعة كاملة من الجرائم الدّولية التي ارتكبها جُناة بلا رحمة، مدفوعين بأيديولوجية إجرامية.

السيد الرئيس،

خمسُ سنوات قد مضت حتّى الآن منذ أن شَرعَ فريق التحقيق (يونيتاد) في عملهِ على الأرض في العراق، وإنه أمر جليّ بالنسبة لنا  أن العمل جنبا إلى جنب مع السلطات العراقية ولا سيما مع النظراء في القضاء العراقي، هو ما يمكن فريق التحقيق (يونيتاد) من النجاح.

أعتقد أن السؤال الذي يتحتم طرحهُ هنا هو: ما المقصود "بالنجاح"؟

بصفتي مُدّعياً عاماً يترأس قيادة فريق التحقيق، فإنّ الطريقة التي أرى بها الغاية مِن عمل فريق التحقيق (يونيتاد) في العراق، هي ليست ببساطة إنشاء سجل لجرائم تنظيم داعش، ولكن محاسبة أعضاء التنظيم مِمن ارتكبوا مثل هذه الجرائم الدّولية البشعة، وذلك من خلال المحاكمات القائمة على الأدلة وأمام المحاكم المُختصّة.

ولكن ما الذي نحتاجه لتحقيق ذلك؟

أعتقد أننا بحاجة إلى ثلاثة ركائز رئيسية، تتمثلُ بالمحاكم المُختصة؛ والأدلة الموثقة والمقبولة أمام المحاكم؛ والإطار القانوني المناسب.

أولاً: المحاكم المُختصة والتي أعتبرها أسهل الأمور؛ وكما شرحتُ مسبقاً، يعمل الفريق عن كثب مع قضاة التحقيق المُختصّين في العراق، الذين يدعمون بشكل كامل تحقيقاتنا، وندعم نحن بدورنا تعزيز قدراتهم، لضمان جهوزية المحاكم العراقية لمحاسبة أعضاء تنظيم داعش على الجرائم الدّولية عندما يحين الوقت لذلك.

ثانياً: أن تكون الأدلة موثقة ومقبولة أمام المحاكم؛ وثمّة الكثير من النقاشات حول "الأدلّة" عن جرائم تنظيم داعش، وأستطيع أن أؤكّد لكم أنه في العراق، هنالك وفرة من الأدلة حول جرائم تنظيم داعش لأن التنظيم كان يعتمد نظاماً تسوده البيروقراطية على نطاقٍ واسع، حيث حرص على انتهاج نظامٍ شبيه بالدّولة على مستوى الإدراة والتوثيق. ويكمُن التحدّي الرئيسي في ما ينبغي فعله بهذه الأدلة؟ وكيف ينبغي التعامل مع هذا الكمّ الهائل من الوثائق والمعلومات؟ أمّا الأهم من ذلك كُلّه هو  كيف لنا أن نحافظ على سلسلة الحيازة المتكاملة لهذا النوع من الأدلة؟

إنّ ما نصبو إلى ضمانه هو أن تبقى تلك الأدلة ذات مقبولية أمام المحاكم المختصة، سواء في العراق، أو في أية دولة أخرى حيث يمكن عقد محاكماتٍ ضدّ أعضاء تنظيم داعش على ما أرتكبوه مِن جرائم دولية.

اسمحوا لي أن أكون واضحاً للغاية؛ يعمل  فريق التحقيق (يونيتاد) بجدَ لدعم القضاء العراقي في  تنظيم وتيسير الوصول إلى كميات كبيرة من سجلات تنظيم داعش وأدلة ساحة المعركة ولا سيّما من خلال مشروع رقمنةٍ ضخمٍ. وتحت قيادة فريقي، تم إطلاق أعمال الرقمنة في خمس محاكم داخل العراق، وسوف تعقبها محكمتان إضافيتان في الأشهر القادمة.

حتّى الآن، تمّت رقمنة كم هائل يبلغ حوالي 8 ملايين صفحة من وثائق تنظيم داعش بحوزة السلطات العراقية، بما في ذلك السلطات الكردية. والنتيجة العملية لهذا الجهد  هي تمكين أعضاء القضاء العراقي من تعظيم الاستفادة بمّا في حوزتهم بسهولة. ولقد أشار كبار القضاة العراقيين إلى أنّ الاستجابة المتعلقة بملفات القضايا وطلبات الحصول على المعلومات قد باتت أسرع وتحسّنت بشكل ملحوظ، مما يشير إلى حدوث تغيير دائم نتيجة لهذة الجهود المبتكرة.

وكخطوة لاحقة، سوف يعمل فريق التحقيق (يونيتاد) على إنشاء أرشيف مركزي موحّد خاصّ بالأدلة الرقمية ضدّ تنظيم داعش، وسيتم إنشاء ذلك الأرشيف المركزي في مجلس القضاء الأعلى داخل العراق. وتمّ الاتفاق على هذه المبادرة مؤخراً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، وسيبدأ فريقي الخطوات العملية في هذا الشأن خلال الأيام المقبلة.

وبمنظور مستقبليّ، سوف يضطلع هذا الأـرشيف المركزيّ بدورٍ رئيس في دعم الملاحقات القضائية لأعضاء تنظيم داعش على جرائمهم الدّولية في العراق. فضلاً عن ذلك، فأنّه يُمكن أن يُمثّل علامة فارقة نحو تأسيس نظام عدالة إلكتروني في العراق، ليكون مثالاً رائداً يُحتذى به ليس في المنطقة فحسب بل أيضاً على مستوى العالم.  

 المحور الثالث والأكثر أهمية هو اعتماد إطار قانوني محلي مناسب يسمح بإجراء مثل هذه المحاكمات، وهو ما يعد تحديا  رئيسيا ينبغي التغلّب عليه من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة في العراق.

يستمر فريق التحقيق (يونيتاد) بالتزامه بدعم العمليّة التي يقودها العراق لاعتماد إطار قانوني  يُتيح مقاضاة أفعال تنظيم داعش الإجرامية على أنّها جرائم دولية، أي جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، أمام المحاكم المحلية. ويُعدّ إنشاء مجموعة عمل مشتركة في شهر آذار/مارس 2023، بالاشتراك مع مكتب رئيس الوزراء، واللجنة الوطنية الدّائمة للقانون الإنساني الدّولي، ومجلس الدّولة العراقي، وكبار أعضاء السلطة القضائية، فضلاً عن البرلمانيين ذوي الصلة، علامةً بارزةً في هذا الصدد. ويظل فريق التحقيق (يونيتاد) على استعداد تامّ للعمل مع السلطات العراقية لتقديم الدعم لهذه العملية على المستوى الفنّي وتعزيز الاستفادة من الخبرات الدّولية ومشاركة الممارسات الفضلى.

 

 

السيد الرئيس،

كما ذكرت، خمسُ سنوات مرّت حتى الآن منذ أن شَرعَ فريق التحقيق (يونيتاد) في الاضطلاع بمهام ولايته وتعزيز المُساءلة عن الجرائم الدّولية التي ارتكبها تنظيم داعش في العراق. ومنذ اليوم الأول، كان الأساس القانوني لتحقيقات الفريق، ولا يزال، هو القانون الدّولي العُرْفي. وبمجرد اعتماد تشريع محلي مناسب بشأن القانون الجنائي الدّولي، سيكون الطريق إلى الأمام أكثرُ وضوحاً، ولا يزال الأمل يحدوني في أن يَحدُث هذا عاجلاً وليس آجلاً.

وفي الوقت ذاته، بدأ فريق التحقيق (يونيتاد) بالفعل في المُساهمة في التحضير للمحاكمات المستقبلية، حيث كثّف الفريق تعاونه مع النظراء في القضاء العراقي، من أجل بناء ملفات قضايا بشكل مشترك ضدّ أشخاص مُعينين في دائرة الاهتمام ومرتكبي جرائم محتملين، مع إعطاء الأولوية الآن للأشخاص في دائرة الاشتباه الذين يقيمون في الدّول الأعضاء. ومن خلال القيام بذلك، سيعمل فريق التحقيق بشكلٍ مشترك مع نظرائه العراقيين،  وبشكل يومي، وسيعمل على جمع المعلومات لتحقيق المساءلة عن الجرائم الدّولية الأساسية لداعش، بما يتماشى مع اختصاصات الفريق.

وقد صُممّت هذه المبادرات المشتركة لبناء القضايا بحيث تُفضي إلى سلسلة من ملفات القضايا، التي تحتوي على معلوماتٍ وأدلّة ساهم بها الجانبان - القضاء العراقي وفريق التحقيق (يونيتاد). وستكون هذه القضايا التي تمّ إعدادها بشكل مشترك بمثابة تجربة عملية للتبادل المباشر للأدلّة وستُعزز أيضاً التعاون الوثيق والقائم على الثقة بين المحققين لدينا وبين نظرائنا العراقيين. ومن شأن هذه المبادرة أن تؤول إلى فهمٍ أفضل لاحتياجات وأساليب التحقيق في القضاء العراقي واساليب فريق التحقيق، عندما يتعلق الأمر بدعمٍ الولايات القضائية على الصعيد العالمي.

السيد الرئيس،

وعلى النحو المُبيّن في القرار رقم 2379، يواصل فريق التحقيق (يونيتاد) دعم  التحقيقات التي تُجريها السلطات العراقية والدول الاخرى بناءً على طلبهم.

وبعد مُضي خمسِ سنواتٍ من العمل التحقيقي في العراق، أصبح فريق التحقيق (يونيتاد) مُيسّراً رئيسياً للجهود الدولية لمحاسبة أعضاء تنظيم داعش في ارتكابهم جرائم دولية. اسمحوا لي أن أقول أيضاً إنّ فريق يونيتاد أصبح عضواً لا غنى عنه في الشبكة الدّولية المعنية بمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم تنظيم داعش، حيثُ يدعم فريقي حالياً (17) سلطة قضائية تابعة لدول مختلفة، ويقوم بإجراء مقابلات مع الشهود، ويُقدّم شهادات الخبراء والتحليل الفني في الإجراءات الجنائية ضدّ أعضاءٍ مزعومين ومؤيدين للتنظيم.   

ويمكن أن يُسهِم فريق التحقيق (يونيتاد) كذلك وبشكلٍ جيد في إيجاد حلولٍ لتحديات إعادة المواطنين العراقيين على نحوٍ فعّال من المخيمات في البلدان المجاورة، بما في ذلك مخيّم الهول. ويعي فريق التحقيق دوره بوصفه جُزءاً لا يتجزأ من الأمم المتحدة، والإضافة النوعية التي يمكن أن يقدمها لدعم جهود المصالحة على نطاق واسع في العراق، حيثُ يقف فريقي  على أهبة الاستعداد للإسهام في نجاح إعادة دمج العائدين في المجتمع العراقي، ولتزويد الدّول الأعضاء بالمعلومات التي يمكن أن تكون ضرورية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الدوليةً. هذا وتُعد المُساءلة عاملاً أساسياً لدعم المصالحة الحقيقية، ومِن شأن تعزيز المساءلة أن يلعب دوراً رئيسياً في تشجيع الدّول الأعضاء على استرجاع مواطنيها والمساعدة في حلّ الوضع المعقّد في مخيّمات مثل مخيّم الهول.

السيد الرئيس، حضرات المندوبين الموقرين،

إسمحوا لي أن أُكرر مجدداً  أن فريق التحقيق (يونيتاد) يعملُ على الربط ما بين مسارح الجريمة، والضحايا والناجين، ومُرتكبي الجرائم من أعضاء تنظيم داعش. ويواصل الفريق التحلي بالحياد والاستقلالية والمصداقية في تطبيق أفضل مُمارسات وسياسات الأمم المتحدة، والقانون الدولي ذي الصلة، مع الاستجابة بأعلى المعايير المُمكنة لدعم جهود المُساءلة ومكافحة إفلات أعضاء داعش من العقاب، أينما كانوا.

بِصفتي رئيساً لهذا الفريق، لا تقتصر الأهمية بالنسبة لي على القول بأن فريقي يواصل جمع مجموعة كاملة من المعلومات حول جرائم تنظيم داعش المُرتكبة في العراق، ولكن أيضاً على التأكيد بأنه يدعم السلطات العراقية من خلال تعزيز قدرات امحققيها.

السيد الرئيس،

بدأ فريق التحقيق (يونيتاد) عملهُ مُنذ خمس سنوات، وقد ثبت أن ولايتنا الفريدة والجديدة في إنشاء مثل ذلك فريق التحقيق الدولي، من شأنِها أن تُسفر عن نتائج إيجابية وقصص نجاح، حيثُ خُصص فريق التحقيق (يونيتاد) كفرصة مِن المجتمع الدولي للعراق وشعبه، للتعامل بشكلٍ مشترك وناجح مع الإرث القاسي لتنظيم داعش. وبذلك، اسمحوا لي أن أؤكد أن فريق التحقيق (يونيتاد) عمل بنجاحٍ على مدى السنوات الماضية لأنّ العراق قَبِلَ هذه الفرصة ودعمها.

ومع ذلك، فإن العمل لم ينتهِ بعد، ومهمة يونيتاد لم تكتمل بعد. فما نصبو إلى رؤيته في المستقبل هو إجراء محاكماتٍ عادلة أمام المحاكم المختصة في العراق، وإدانة أعضاء تنظيم داعش بتهم ارتكاب جرائم دولية،  وبمشاركة فعالة من الضحايا والناجين. فبدون ذلك لا يمكن القول أن ولاية فريق التحقيق (يونيتاد) قد آتت ثمارها.

يُمكن للعدالة أن تكون عمليةً مطولة، وقد ينفد صبر المرء في انتظار رؤية نتائجها. ولكن التحقيقات والمحاكمات وبِناء القضايا القائمة على الأدلة، هو عملٌ يستغرق وقتاً وصبراً ومثابرة، لا سيما في قضايا الجرائم الدولية، وكذلك الأمر بالنسبة لجرائم تنظيم داعش في العراق. ففي واقع الأمر، يشكّلُ إجرام تنظيم داعش بعضاً من أبشع الأعمال التي شهدناها في التاريخ الحديث، وينبغي تحديد الأفراد المسؤولين عن مثل هذه الأفعال، ومحاكمتهم وإدانتهم على الجرائم التي اقترفوها. وإن من واجبنا أن نسير معاً على طريق العدالة هذا، بإخلاصٍ وتصميم.

 

أتوجه لكم بالشكر على اهتمامكم ودعمكم المُستمر.