ملاحظات المستشار الخاص كريستيان ريتشر في معهد العلمين للدراسات العليا حول كيف يعمل فريق التحقيق (يونيتاد) لدعم العراق

 

http://telecoms.com/wp-content/blogs.dir/1/files/2012/10/UNlogo.jpg

 

تعزيز المساءلة عن جرائم تنظيم داعش الدولية:

 

كيف يعمل فريق التحقيق (يونيتاد) لدعم العراق

 

معهد العلمين للدراسات العليا

النجف، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2023

 

ملاحظات مقدّمة من:

السيد كريستيان ريتشر

 

المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد).

 

سعادة الدكتور ابراهيم بحر العلوم المشرف العام على معهد العلمين للدراسات العليا

الأستاذ المحترم الدكتور زيد عدنان محسن، عميد المعهد،

الأساتذة والباحثين الموقرين،

السيدات والسادة الكرام،

 

 

 

إنّه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم اليوم، حيث أزور مدينة النجف الأشرف ومعهد العلمين للمرة الثانية. وأود أن أعرب عن امتناني العميق لهذه الدعوة الكريمة ولإتاحة الفرصة للتحدث إليكم عن عمل (يونيتاد)؛ فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش.

كما يُسعدني جداً أن أقوم بذلك تزامنا مع ابرام برنامج عملٍ لتعزيز التعاون المشترك بين فريق التحقيق (يونيتاد) ومعهد العلمين للدراسات العليا.  إن هذا التعاون النموذجي والعملي هو مظهر من مظاهر دورنا كفريق تابع للأمم المتحدة مُصَمَم لِدعم القُدرات الوطنية، بما يتماشى مع ولايته المتمثلة في تعزيز المساءلة عن الجرائم الدولية التي ارتكبها تنظيم داعش. وإنني أتطلع إلى رؤية ذلك التعاون المعزّز يتحقق عبر تنفيذ هذا البرنامج خلال الأشهر المقبلة. كما أتطلع إلى الاستفادة من خبراتكم والتي ستساهم بالتأكيد في توجيه استراتيجياتنا وعملنا في فريق التحقيق (يونيتاد).

 

السيدات والسادة الكرام،

لغرض هذه المحاضرة، أهدف إلى تغطية ثلاث مجالات رئيسية بإيجاز:

أولاً، إلقاء الضوء عبر لمحة عامة عن الفريق وتحقيقاته حتى اليوم، وأين نقف الآن.

ثانياً، شرح بسيط لكيفية قيامنا بعملنا من خلال التعاون الوثيق مع العراق.

وأخيراً، محاولة للتفكير في المستقبل، وفي السؤال المهم المُتمثل في "ما الذي يحدد إكمال مهمة فريق التحقيق (يونيتاد) بنجاح؟" وما الذي يمكن أن يحقق الأهداف الأساسية لعملها على مدى السنوات الخمس الماضية؟

وبعد ذلك، أتطلع إلى سماع أسئلتكم وأفكاركم وتعليقاتكم القيّمة.

  1. لمحة عامة عن فريق التحقيق (يونيتاد) وتحقيقاته

تأسس فريق التحقيق (يونيتاد) بناءً على طلب من العراق وذلك من خلال القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2379 (2017) الذي تم اعتماده بالإجماع والذي يهدفٍ بشكل رئيسي إلى دعم الجهود المحلية (في العراق) لمحاسبة جُناة تنظيم داعش على الجرائم الدولية، وهذا يعني الأعمال التي قد ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

منذ إن باشر الفريق عمله في العراق عام 2018، أسس فريق التحقيق (يونيتاد) مقره الرئيسي في بغداد، ثم افتتح مكاتب إضافية في أربيل ودهوك، وذلك لإجراء تحقيقاتٍ هيكلية في جرائم تنظيم داعش ضد جميع المجتمعات المتضررة، وهو ما نسميه نهج التحقيق من القاعدة إلى قمة الهرم، مركزاً على ضحايا جرائم تنظيم داعش وإفادات الشهود. ولهذا الغرض، يضم الفريق ستّ وحدات تحقيق ميدانية تُغطي الجرائم المرتكبة ضد المجتمع الأيزيدي وضد المجتمع المسيحي وأيضا ضد المجتمع الشيعي بما في ذلك الجرائم التي استهدفت منتسبي أكاديمية تكريت الجوية والهجمات على سجن بادوش بالقرب من الموصل، والجرائم ضد المجتمع السُنّي في الأنبار، والجرائم ضد "الأقلّيات الأصغر" من الشبك والكاكائيين والشيعة التركمان وغيرهم.

بالإضافة إلى ذلك، وبهدف التحقيق أيضاً في التدرج الهرمي وهيكل تنظيم داعش كمنظمة، أو ما يعتبر نهج التحقيق من قمة الهرم وصولا للقاعدة، أنشأ الفريق وحدة تحقيق مواضيعية تركّز على الشؤون المالية لتنظيم داعش واقتصاده. وتنظر وحدة الجرائم الاقتصادية في تمويل جرائم تنظيم داعش الدولية المرتكبة في العراق وكيف استغل التنظيم ذلك التمويل. وهذا جانب مهم بشكل خاص لأننا نعلم جميعاً أن تعقب الأموال يعني تتبع المنظمة، وتتبع هيكلها، والتسلسل الهرمي لها، وقادتها، وأولئك الذين أصدروا الأوامر؛ وبالتالي يضعنا على طريق تحديد أفراد التنظيم الأكثر مسئولية عن مجموعة الجرائم الدولية الشنيعة التي ارتكبت في العراق. وهو ما يساعدنا على استكمال شتى أجزاء الصورة لتحديد المسؤولية الفردية لقادة داعش عن تلك الجرائم الدولية.

ومن المهم أن نشدد دائما على أن ولايتنا تتعامل مع الجرائم الدولية وليس مع الإرهاب. وكما تعلمون، فإن هذا التمييز أساسي من حيث التبعات القانونية، وكذلك مشاركة الضحايا وحقوقهم. وإن العضوية في  منظمة إرهابية هي ذات طبيعة عشوائية ولا تولي اهتماما للضحية. على العكس من ذلك، فإن التحقيق في الجرائم الدولية يعني  كشف حقيقة تلك الهجمات والمعاملة القاسية التي عانى منها الضحايا، ويعني النظر في نية الجُناة، وفي تأثير تلك الجرائم على المجتمعات المتضررة. وهذا هو نوع العدالة التي يتوق لها  الضحايا.

بالإضافة إلى ذلك، أنشأنا نحن، الفريق، أيضاً وحدة مواضيعية للتحقيق في جرائم تنظيم داعش ضد النساء والأطفال، وتعمل هذه الوحدة مع بقية وحدات التحقيق التابعة للفريق للنظر في الجرائم التي استهدفت بشكل خاص النساء والفتيات، وكذلك الفتيان الأصغر سناً مثل أولئك الذين تم تجنيدهم قسراً كجنودٍ أطفال.

علاوةً على ذلك، منذ أن توليت مسؤولياتي كرئيسٍ لفريق التحقيق، جعلت من أولوياتي تكثيف التحقيقات في ثلاثة مسارات رئيسية، والتي أعتبرها خطوطاً أساسية للوقوف على الصورة الكاملة لإجرام تنظيم داعش في العراق:

  • الجرائم المرتكبة في الموصل، بما في ذلك ضد هياكل الدولة وموظفيها؛
  • تطوير تنظيم داعش للأسلحة الكيميائية والبيولوجية ونشرها؛
  • تدمير تنظيم داعش للتراث الثقافي، والذي استهدف تاريخ العراق الثقافي المتنوع بشكل شامل ؛

 

ويُعد أحد الجوانب المهمة لعملنا هو ضمان اتباع نهجٍ يعتمد مركزية الضحايا، والذي يضع سلامة ورفاه الضحايا والناجين في المقام الأول. ولدينا وحدة مخصّصة لحماية الشهود ودعمهم، والتي تلعب دوراً رائداً في حماية الشهود الذين يدلون بافاداتهم. وتلعب الوحدة أيضاً دوراً رئيسياً في دعم بناء القدرات للنظراء الوطنيين داخل حكومة العراق، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني، بغرض نشر الاستفادة من هذا النهج، وتجنب إعادة تعريض الناجين والناجيات للصدمات النفسية، وتدريب مُقدمي الخدمات في مجال الدعم النفسي والاجتماعي

لذلك، كفريق ذو ولاية محددة للغاية نعمل على التحقيق في جرائم تنظيم داعش ضد جميع المكونات في العراق، وبالشراكة مع تلك المجتمعات، ومن خلال نهج يعتمد مركزية الضحايا.

أود أن أختتم النظرة العامة هنا، ثم أنتقل للحديث قليلاً عن شراكتنا مع العراق.

 

 

ولاية فريدة من نوعها بالشراكة مع العراق

ويتمتع فريق التحقيق (يونيتاد) بولاية فريدةٍ من نوعها، كفريق تحقيق مبني على المبدأ القانوني للمسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم الدولية تم إنشاؤه بناءً على طلب الحكومة العراقية. ويعمل فريقنا بشكل وثيق على نحو يومي مع نظرائنا العراقيين، لا سيما في السلطة القضائية، وذلك لدعم الهدف المشترك المُتمثل في محاسبة أعضاء تنظيم داعش على الجرائم الدولية، ضمن محاكمات عادلة ومبنية على الأدلة، وفقاً للمعايير الدولية. وتخدم هذه الشراكة الفريدة عمل الفريق بشكلٍ ملحوظ، كما ترفد العراق بمختلف الفرص أيضا.

وكما ذكرت في مناسبات عديدة منذ أن بدأت عملي هنا، يجب الإشادة بالعراق على دوره الرائد عالميا في طلب إنشاء فريق التحقيق (يونيتاد) وعلى تعاونه مع الفريق حتى الآن. ويعد هذا الدور حاسماً في تعزيز المساءلة العالمية عن جرائم تنظيم داعش الدولية، وفي تحقيق العدالة للضحايا والناجين، ومعظمهم من هذا البلد.

ويظل العراق الحليف والشريك الرئيسي لفريق التحقيق (يونيتاد)، والعراق هو المتلقي الرئيسي لعملنا  وفقاً لولاية الفريق. هدفنا كفريق يونيتاد هو دعم العراق في تحقيق العدالة لضحايا جرائم داعش. فما نرغب في رؤيته هو أن يلعب العراق دوره القيادي الطبيعي في متابعة المساءلة عن جرائم داعش الدولية، وفقاً للمعايير الدولية.

وبما أن القضاء العراقي هو الشريك الطبيعي لفريق التحقيق (يونيتاد)، فقد عمل الفريق مع قضاة التحقيق المُختصين، بناءً على الرغبة المتبادلة في التعاون وعبر مواءمة أولويات التحقيق، نحو الهدف المُشترك والمتمثل في محاكمة أعضاء تنظيم داعش على جرائمهم الدولية، بما في ذلك القضايا التي تشمل مرتكبي الجرائم من تنظيم داعش الموجودين أو المقيمين في الخارج، وخاصة في أوروبا.

وبالإضافة إلى ذلك، يولي فريق التحقيق (يونيتاد) اهتماما كبيرا بتعزيز قدرات القضاء العراقي وتعميق المعرفة بالقانون الإنساني والجنائي الدولي داخل القضاء العراقي. وهو الأمر الذي نسعى اليه أيضا مع النظراء الوطنيين الآخرين، وفي هذا الاطار نَجتمع هنا اليوم في هذا المعهد المرموق للدراسات العليا في العراق.

وكمثالٍ على هذا الجهد لبناء القدرات الوطنية، نظم فريق التحقيق (يونيتاد) في العام الماضي، بالشراكة مع الأكاديمية الدولية لمبادئ نورمبرغ، دورة تدريبية متقدمة مدتها أسبوع واحد حول القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي لـ 19 قاضياً من الهيئة القضائية العراقية في نورمبرغ بألمانيا. وهدُفت "الدورة التدريبية حول القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي" إلى تعزيز مهارات التحقيق والادعاء العملية للمشاركين، حيث اشترك في هذه الدورة قضاةٌ من مختلف أنحاء العراق، وتم تصميمها لتلبية احتياجات هؤلاء القضاة الذين يعملون على جرائم تنظيم داعش الدولية في العراق.  وكان هدفها تقديم المعرفة المتعمقة اللازمة لِملاحقة مرتكبي مثل هذه الجرائم في العراق في المستقبل. وكان المحاضرين والمدربين خلال هذه الدورة طيف واسع من الأكاديميين والخبراء القانونيين والممارسين الدوليين المرموقين الذين أثروا الدورة بخبرتهم ومعرفتهم. وقد أتاح هذا التدريب المُتقدّم للقضاة الفرصة لدراسة وتحليل القضايا ذات الصلة من المحاكم الدولية وكذلك القضايا الوطنية من الدول التي تعتمد الولاية القضائية العالمية في محاكمة الجرائم الدولية. وتعتبر هذه المعرفة أساسية للقضاة العراقيين للمضي في الإجراءات أمام المحاكم العراقية، بأعلى مستوى من المهنية، وبما يتوافق مع المعايير الدولية والإجراءات القانونية الواجبة.

وهناك مجال آخر يدعمه فريقنا أيضاً وهو مجال اعمال التنقيب في المقابر الجماعية. ويعمل خبراء فريق التحقيق (يونيتاد) بشكل وثيق مع الشركاء المحليين في دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية ودائرة الطب العدلي، لدعم أعمال التنقيب في المقابر الجماعية المتعلقة بجرائم تنظيم داعش، والتعرف على هويات الرفات المُستخرجة، مما يسمح أيضاً بدفن الضحايا الذين تم التعرف عليهم بما يليق بهم من تكريم. ومن المؤكد أن هذا العمل يغذي أدلة الطب الشرعي اللازمة للتحقيق في جرائم تنظيم داعش، وعلى نفس القدر من الأهمية، يسهم في تقديم بارقة من السلوى لأسر الضحايا، الذين ينتظرون بفارغ الصبر أن يقدموا لأحبائهم الاحترام الذي يستحقونه.

لذلك، لاختتام هذا الجزء، اسمحوا لي أن ألخص بالقول، إن فريق التحقيق (يونيتاد) يعمل في العراق وذلك بناءً على طلب حكومة العراق، وبالشراكة مع النظراء العراقيين للتحقيق في جرائم تنظيم داعش ضد جميع المجتمعات المُتضررة. ونحن نعمل على بناء القدرات الوطنية في المجالات المرتبطة بولايتنا، ومن أجل تحقيق العدالة للضحايا ودعم تعافي المجتمعات العراقية.

ولهذا السبب أشعر بالامتنان الشديد اليوم لأننا وقعنا الآن هذه الاتفاقية بين فريق التحقيق (يونيتاد) ومعهد العلمين للدراسات العليا. وهذا يوفر فرصة عظيمة لتبادل الخبرات والأفكار القانونية في كلا الاتجاهين. وإنه يخلق وضعاً مربحا للجانبين: إذ يُمكن لفريق التحقيق (يونيتاد) أن يشارك خبرته العملية في مجال القانون الجنائي الدولي كما أن الفريق سيستفيد من الخبرة القانونية الوطنية العميقة للمعهد. وإنني أتطلع بشدة إلى هذا التعاون لأنني متأكد من أنه سيكون مثمراً للغاية.

التطلع إلى المستقبل: ما الذي يشكل الحالة المثالية لإنجاز ولاية فريق التحقيق (يونيتاد)؟

وبصفتي مدعي عام من حيث الخبرة، ورئيس فريق التحقيق هذا، فإن الطريقة التي أرى بها الغرض من عمل فريق التحقيق (يونيتاد) هنا هو ببساطة ليس إنشاء سجل لجرائم تنظيم داعش، بل محاسبة جُناة داعش، أولئك الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم الدولية الشنيعة، من خلال محاكماتٍ قائمة على الأدلة أمام المحاكم المختصة.

ولكن ما الذي نحن بحاجة إليه لتحقيق ذلك؟

أعتقد أننا بحاجة إلى 3 روافد رئيسية: وهي محاكم مختصة، وأدلة مقبولة وموثوق بها، وإطار قانوني مناسب.

أولاً، المحاكم المختصة، والتي أعتبرها الأسهل، وكما وصفت سابقاً، فإننا نعمل بشكل وثيق مع قضاة التحقيق المختصين في العراق، الذين يدعمون تحقيقاتنا، والذين ندعم بناء قدراتهم لضمان أن المحاكم العراقية مستعدة لمحاسبة جُناة تنظيم داعش على الجرائم الدولية.

ثانيا، أدلة مقبولة وموثوقة. وهناك الكثير من المناقشات حول "الأدلة" على جرائم تنظيم داعش. ويمكنني أن أؤكد لكم أنه لا يوجد نقص في الأدلة على جرائم تنظيم داعش في العراق، حيث اتبع تنظيم داعش بيروقراطية واسعة النطاق تحافظ على نظامها الإداري والوثائق الخاصة بها الشبيهة بالدولة. ويكمن التحدي الرئيسي هو ما الذي نفعله بهذه الأدلة؟ كيف نتعامل مع الحجم الهائل من الوثائق والكم الهائل من المعلومات؟ والأهم من ذلك، كيف نحافظ على تسلسل الحيازة لتلك الأدلة؟

فما نسعى إليه هو ضمان مقبولية مثل هذه الأدلة أمام أي محكمة مختصة، سواء في العراق أو في الدول الأخرى التي يمكن ملاحقة أعضاء تنظيم داعش فيها بتهم ارتكاب جرائم دولية. وقد قمنا بدعم رقمنة ملايين الوثائق، 10 ملايين وثيقة حتى الآن، في محاكم مختلفة في العراق، لضمان الحفاظ عليها وتعظيم استخدامها.

ثم ثالثا – وهو الأهم والأكثر تحدياً – هو الإطار القانوني المناسب. ويمكن اعتباره التحدي الرئيسي الذي يجب التغلب عليه حتى يؤتي عمل فريق التحقيق (يونيتاد) الثمار المرجوة في العراق. ويظل فريق التحقيق (يونيتاد) مُلتزماً بدعم العملية السيادية العراقية المتعلقة بتشريع إطار قانوني محلي يتيح محاكمة مرتكبي الأعمال الإجرامية لتنظيم داعش باعتبارها جرائم دولية - جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية - أمام المحاكم الوطنية هنا في العراق. وكان إطلاق مجموعة العمل المشتركة في آذار/مارس 2023، إلى جانب مكتب رئيس الوزراء واللجنة الوطنية الدائمة للقانون الإنساني الدولي ومجلس الدولة العراقي وكبار أعضاء السلطة القضائية، بمثابة محطة مهمة في هذا الصدد. ويبقى فريق التحقيق (يونيتاد) تحت تصرف السلطات العراقية لتقديم الدعم الفني لهذه العملية من خلال أي وسيلة في وسعه أن يوفرها، بما في ذلك توفير الخبرة الدولية.

وفي الوقت نفسه، وكجزءٍ من ولاية فريق التحقيق (يونيتاد)، يبذل الفريق كل جهد لضمان المساءلة الجنائية لأفراد تنظيم داعش أينما يمكن محاسبتهم، ولإحباط محاولات الجناة الهروب من الملاحقة القانونية. منطلقا من هذه الرؤية لإغلاق الملاذات الآمنة أمام عناصر داعش، قام فريق التحقيق (يونيتاد) بدعم الملاحقات القضائية، وفقاً لاختصاصات الفريق، من خلال التعاون مع السلطات القضائية في دول ثالثة لديها الولاية القضائية للتحقيق في الجرائم الدولية التي ارتكبها أفراد تنظيم داعش. ويشكل هذا الدعم القضائي في القضايا ذات الصلة، كما هو الحال في الدول الأعضاء ذات الولاية القضائية العالمية  أو غيرها من أشكال الولاية القضائية العابرة لحدود الإقليم بالنسبة للجرائم الدولية، أو في الدول التي يتواجد فيها مقاتلو التنظيم السابقون وكذلك الضحايا والناجون، جزءاً مهماً من عمل فريق التحقيق (يونيتاد). إن تنظيم داعش ظاهرة دولية، وهناك المئات - إن لم يكن الآلاف - من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف التنظيم، ويمكن محاكمتهم في بلدانهم. وهناك أيضاً  عراقيون ممن انخرطوا في التنظيم فروا من العراق وانتقلوا إلى الخارج.

ولهذا الغرض تحديداً، يركز عمل الفريق بشكل متزايد على الانتقال من التحقيق إلى بناء القضايا، والعمل جنباً إلى جنب مع قضاة التحقيق العراقيين لإعداد ملفات قضايا مُشتركة لدعم ملاحقة جُناة تنظيم داعش، حيثما توجد ولاية قضائية.

السيدات والسادة الكرام،

ومن الأهمية أن نلاحظ هنا أن فريق التحقيق (يونيتاد) يعمل في ظل الاحترام الكامل لسيادة العراق. ويعد ترحيب الحكومة المضيفة في أي سياق أمراً أساسياً لقيام أي بعثة تابعة للأمم المتحدة بعملها، وهو هام بشكل خاص لمهمة فريدة مثل تلك التي يقوم بها فريق التحقيق (يونيتاد). ونحن مستمرين في الانخراط مع حكومة العراق، وكافة الجهات المعنية، حرصاً على تلبية كافة متطلبات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. والأهم في ذلك الصدد، أننا نضع نصب أعيينا في المقام الأول مصلحة العراق والضحايا العراقيين الذين يتطلعون لتحقيق العدالة وكذلك الحاجة الماسة لتعزيز المساءلة ضد مرتكبي الجرائم من جانب داعش عالمياً.

أود أن أقدم إجابتي على السؤال الذي طرحته: ما الذي يشكل الحالة المثالية لإنجاز ولاية فريق التحقيق (يونيتاد)؟

حين نرغب في وصف العدالة، نقول دائماً إن "الناجين يجب أن يروا يومهم المشهود في المحكمة".

لا يمكن أن يتحقق الإنجاز المثالي لولاية فريق التحقيق (يونيتاد) إلا عندما يمثل متهمي داعش أمام المحاكم العراقية بتهم ارتكاب جرائم دولية، وبالاستناد إلى الأدلة ووفقاً لأعلى المعايير الممكنة، وبمشاركة الضحايا وبما يتماشى مع المعايير الدولية.

وفي الوقت نفسه، سنبذل كل جهد ممكن لتعزيز مشاركة المعلومات مع العراق، ولا سيما السلطة القضائية، والتأكد من أن نتائج تحقيقاتنا وتركة الأدلة حول جرائم تنظيم داعش متاحة وقابلة للاستخدام ويمكن أن تغذي مثل هذه المحاكمات. وغني عن القول إن تعديل استراتيجية التحقيق للتركيز على إنهاء المهمة يعني أن بعض خطوط التحقيق الرئيسية لدينا قد لا يمكن استكمالها:

  • جرائم تنظيم داعش في الموصل.
  • تدمير تنظيم داعش للتراث الثقافي في العراق.
  • التحقيق في سؤال نية تنظيم داعش ارتكاب إبادة جماعية ضد الشيعة.
  • الجرائم المُرتكبة ضد النساء التركمانيات الشيعة، وهو مجال التحقيقات الذي سلط الضوء عليه بشكل خاص آية الله العظمى السيد علي السيستاني عندما تشرفت بلقائه.
  • أيضاً، كان عملنا حول العائدين من مخيم الهول على وشك البدء.

وبالنسبة لي، فإن قطع مثل هذه التحقيقات الرئيسية لن يكون "الحالة المثالية لإكمال مهمة فريق التحقيق (يونيتاد)"، ومع ذلك، خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، سنعمل بشكل وثيق مع الحكومة العراقية لطرح الاحتمالات وتقديم سيناريوهات مختلفة. وفي هذا سيتوجب عليّ أن ألتزم بما يختاره العراق.

وأخيراً، اسمحوا لي أن أختتم بمشاركة إحدى الرؤى التي تنبع ليس من عملي الحالي في فريق التحقيق (يونيتاد)، ولكن أيضاً من عملي السابق كمدعِ عام اتحادي في محكمة العدل الاتحادية في ألمانيا وعندما كنت رئيساً لوحدة جرائم الحرب الألمانية S4. العدالة بشكل عام هي عملية بطيئة وطويلة، وفي كثير من الأحيان، قد ينفد صبر المرء وهو يتطلع لرؤية النتائج. ولكن التحقيقات والملاحقات القضائية وبناء القضايا المبنية على الأدلة هو عمل يحتاج إلى وقت وصبر ومثابرة، وخاصة في قضايا الجرائم الدولية. آمل أن يؤتي هذا العمل نتائجه في العراق، لأننا مدينون بذلك أولاً وقبل كل شيء للضحايا العراقيين والناجين من جرائم تنظيم داعش.

أشكركم وأتطلع إلى مناقشتنا.