ملاحظات [كما ألقاه] المستشار الخاص خلال الحوار الرقمي للأمم المتحدة الذي نظمته بعثة ألمانيا لدى الأمم المتحدة ومبادرة ناديا (فيديو)

Statement by S.A. Karim Khan during the UN Digital Dialogue Event

كما تم إلقاءه

السيدات والسادة المُحترمين

إنها تجربة متواضعة حقاً في الانضمام معكم جميعا اليوم في إحياء الذكرى التأبينية على الأحداث التي وقعت منذ ستة سنوات. وفي خضاب ذلك يمكن للمرء أن يغوص لخمسة دقائق، ويمضي في قائمة الإنجازات وأوجه القصور. لكن من بعد اذنكم، أعتقد انه من الجيد التوقف والتأمل أحياناً. وما أود الحث عليه بتواضع كبير في نهاية هذه الجلسة، هو لو أننا أردنا المُضي قدماً فلنتأمل في كلمات ناديا المؤثرة والقوية، بالإضافة الى رسالة أمل، وأيضا ما قامت به المُمثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلخارست.

بعد مضي سته سنوات، وتحديداً في مثل هذا اليوم؛ بدأت مذابح ممنهجة والتي لم تصدم ضمير الإنسانية فحسب، بل شكّلت الضمير الإنساني؛ لقد حظيتُ بشرف كبير في مقابلة الناجين، واحد تلو الآخر، وما أدهشني وأثار دهشتي على الدوام هو انني عندما اتحدث مع فئات متنوعة من الضحايا، ممن تعرضوا للاستعباد ونجوا لسرد الحكاية، فلا يقتصر قلقهم على أنفسهم؛ وهو شعور لا يوصف بالشفقة؛ حيث في كثير من الأحيان و كما ذكرت ناديا واخرون كثر، اين اخواتهم؟ اين امهاتهم؟ وانا اعتقد هذا يجب ان يكون محفوراً ومقفراً في الواقع على ذاكرتنا وعلى ارواحنا. لأن هذا الإهتمام تجاه الأخرين هو ما يعرفنا كبشر. أن هذا المطلب المُلح للعدالة هو حقا، إذا ما جاز لي القول، جسد ناديا، وطلب ناديا المُستمر القادم من قرية كوجو الى قاعة الأمم المتحدة وعواصم العالم، فقد جاء برسالة بسيطة ولكنها مدوية مفادها ان هذا خطأ ويتطلب التحقيق، والتصميم القانوني. وإذا أردنا ان نكون صادقين كمجتمع دولي، فان كل حياة مهمة، وان كل انسان لديه حقوق معينة غير قابلة للتصرف. وإذا كان لها ان تتوقف عن كونها بديهيات او وعود كاذبة فانها اذن تتطلب اتحاذ إجراءات مُستمرة.

إنني حقاً أُشيد بعمل ناديا، وحملة أمل كلوني، والإدارة السياسية للمملكة المُتحدة وحاملي القلم، والحكومة العراقية، ومجلس الأمن في إنشاء فريق التحقيق (يونيتاد). لكننا فريق تحقيق، ويبحثُ عن محكمة، ونحاول ان نغذي أكبر عدد ممكن من المحاكم حيث يمكن اجراء مُحاكمات عادلة. ان وحدة هذا المجلس التئمت حول هدف مُشترك، والذي يُعد الأساس المُشترك في نبذ الأيديلوجية الكاذبة غير الأسلامية لتنظيم داعش بالمُطلق. وان التظاهر بهذه الذريعة ليس له أي صلة بالدين وان للفرد الحق في ممارسة ما يشاء، والعيش بحرية، هو أمر اثار قلق المجتمع الدولي بأسره.

وأغتنم هذه الفرصة لأشيد بالدور الذي لعبه منظمو حدث اليوم. جمهورية ألمانيا الاتحادية التي كانت حليفاً قوياً لفريق التحقيق (يونيتاد)، من حيث إرفادنا بالخبراء لوحدة التحليل، والقدرات في مجال التحقيق المالي. وقد ساعدت الإمارات العربية المتحدة تحقيقاتنا في الجرائم الجنسية والجرائم القائمة على النوع. ولاسيما، الدعم المستمر والثابت من جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وهولندا لحماية الشهود، والولايات المتحدة الامريكية في استخراج الرفات، والدنمارك والسويد. حيث تضافرت جميع هذه الجهود لتمكين فريق التحقيق (يونيتاد) للمساعدة في استخراج الرفات وجمع الادلة سواء كانت إفادات مادية أو رقمية؛ والعمل مع حكومة العراق والسلطة القضائية العراقية لنتمكن من جمع سجلات المواقع الخلوية للفترة من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب 2014، والتي ستمكننا من إحكام قبضتنا على شبكة "داعش" الإجرامية، وأماكن تواجد الأفراد موضع الاهتمام في تحقيقاتنا في تلك الفترة، لكي نتمكن من الايفاء بالوعد الذي قطعته ناديا، بأن للأفراد والناجين الحق في مواجهة الجناة في محكمة قانونية.

لقد حظيت بشرف رصين وانا اشهد ذلك خلال حياتي المهنية؛ حيث أحيانا، كنت أرى أفراداً الغالبية يراهم منكسرين، لكن حينما يواجهون جناتهم في قاعة المحكمة يتغير اختلال توازن القوى جذرياً في هذا السيناريو. فالفرد الذي تعرض للقمع أو التعذيب هو الان صاحب اليد العليا؛ وحقيقة مواجهة المتهم والادلاء بالإفادة قد يكون قوياً للغاية؛ وقد يكون أيضاً ذا تأثير على الجاني.قد قيل الكثير فيما يتعلق بأهمية البنى التحتية. حيث إن التعليم والصحة هما أيضاً من أشكال العدالة؛ ولا تحصر العدالة في قاعة المحكمة فقط. ولكن مسؤوليتي من ولاية فريق التحقيق(يونيتاد)، والتي اناط بها مجلس الامن تعنى بالمساءلة القانونية؛ وأود هنا الاشادة بعمل حكومة العراق والرئيس برهم صالح، حيث قدم مشروع قانون إلى مجلس النواب في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والذي سيمكن العراق من محاكمة جرائم داعش ضد كافة الطوائف، بما في ذلك طائفة اليزيدين، واعتبارها جرائم إبادة جماعية، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم حرب.

ونحن وبكل احترام، نرى أن لهذا الامر أهمية بالغة؛ إذا لم يتم وضعه في إطاره الصحيح، إذا لم نصنف الجرائم بشكل صحيح، فنحن حتما سنشهد، أو على الأقل، هنالك خطر حقيقي بتكرار افعالهم؛ وأعتقد فيما يتعلق بمنح الثقة للمجتمع الايزيدي؛ أن شجاعة المجتمع الدولي وقدرته على خلق ذلك الجزء من البنية القانونية سوف تقطع شوطاً طويلا.

 

وختاما؛ إن جاز لي، وبالتأكيد لنا جميعاً، أن نعترف بالشجاعة الهائلة التي يتحلى بها شعب العراق والمجتمع الايزيدي. حيث انني كثيراً ما أقول هذا لأنني أجدها حقاً حقيقة بديهية، إن نجاتهم، ونجاتك ناديا، وهم حاليا في مختلف بقاع العالم ، والطريقة التي تمارسون بها معتقداتكم، ماهي الا رفض بليغ وقويم للنوايا الإجرامية التي ارتكبها الداعش لإسكات أصواتكم واضعاف ايمانكم. وأنا أعتقد أن هذه تذكرة لنا، وللمجتمع الدولي، وهي حتما في الوقت المناسب؛ بأننا لابد والايفاء بوعودنا الجماعية، والتي تتلخص في ضمان العدالة، وفضح اجرام داعش، واثبات ذلك بما لا يدع مجالاً للشك في المحاكم، في مختلف أنحاء العالم، كلما كان ذلك ممكناً. وفي الوقت نفسه، فإننا بذلك نبرهن على شجاعة شعب العراق، وعلى ثبات وبطولة المجتمع الايزيدي.

 

 

وشكرًا جزيلاً لكم